الآباء يأكلون الحصرم والأبناء يضرسون ....! لا يمكن لصحراءٍ قاحلة أن تمدك بالماء، كذلك لا يمكن لجليدٍ أن بمنحك الدفء، ولا لمتسكعٍ أن يعطيك المال، هكذا تُدار ففاقد الشيء لا يعطيه ترتدي الدمية صاحبة الخمسة عشر عاماً ثوبها الأبيض المزركش استعداداً لزيارتها الدائمة لبيتها الجديد ,مع رجلٍ ظن أبويها أنه المناسب ,وهو بدوره يتفاخر بخيار أمه لفتاةٍ انتُزِع منها روح الطفولة ليستبدلوها بمسؤوليات الزواج وأعبائه, مخلفين وراءهم كارثةً بشرية لا تحمد عُقباها... وفي طرف آخر من العالم تعبت إحداهن من ثرثرة البعض وسؤالهم الدائم "لماذا لم تتزوجي للآن؟" فهربت مختبأةً في منزل أول شخص قابلها بعد ذلك خوفاً من شبح العنوسة وبذلك يكون الزواج أمراً محتماً بناءً على فرضيات وأعراف بالية لا اختيار شريك حياة وصديق سنين وبمرور فترةٍ ليست ببعيدة يتفق الطرفان على ألا يتفقا بعد أن يفشلا في إنقاذ زواجهما, إلا من رحم ربي ,يعزمان على أبغض الحلال دون التفكير بمن حصدتهم علاقتهما الفاشلة من أرواح , طفلٌ..طفلين.. ولربما أكثر ,لتبدأ بعدها حكاية سالي ,ساندريلا, ونيلز . طفولةٌ مريرة يتجرع فيها مرارة الفقد ويتعطش حنان الأبوين ودفء العائلة, يمسك كلٌ منهما بجزء ويبدأان معركتهما ,يحصل الفائزعلى الطفل بينما يأخذ الآخر بمشاعره وعواطفه وقلبه ويمضي... ينقسمان بين أم و أب بدل أن يتقاسما معهما السعادة والأمل, ما إن يأخذ أحدهما بيد الإرث المتنازع عليه حتى يملأ جعبته بالسم الزعاف ويبدأ بتسليح الابن بالكره و الحقد والبغضاء ليقتنص بها الطرف الآخر ويمسي أسير نفسه و ذكرياته وطفولته المنقوصة.. يكبر ويكبر وتشب معه عقده ليصبح جسداً جهماً يأوي الطفل داخله الطفل ذاته الذي عاقبه أبواه على خطيئتهما بسلبه حقوقه وحبه لنفسه , ليشتد العقاب ويصبح كرهٌ لمحيطه وفشله في تأسيس علاقاته الاجتماعية و العاطفية , تترك علاقةُ والديه الأثر في نفسه فيهرب من الزواج خوفا من أن يجلد أطفاله بالسوط الذي ذاق فشجرة لم تسقَ إلا الفقد والفراق كيف لها أن تأتي بثمار الحب قطافاً ؟؟ وهل لبيداءٍ جافة أن تُنبت غير أشواك الصبار زرعاً ؟؟ هكذا الطفل كما تطعمه يأتي , وبما تسقيه يروي , فإن كان الطلاق مصيبة للطرفين فهو دمار لنتاجهما فالزواج الذي يُبنى على خطأ وتهور لن يلقلى إلا الاندثار سبيلاً ...

الآباء يأكلون الحصرم والأبناءُ يضرسون.!

ما قبل الوقوع ...💔 تلكَ البلادُ القابعةُ خلفَ كلِّ أشكالِ الحياة وتحديدًا بينَ ركامِ الحرب.... الساعةُ الرابعةُ تجاوزها ما يقاربُ ال ١٧ دقيقةً، كانَ البردُ كافياً لأن يَلتهمُ طَاقتنا ويَأوي في أجسَادِنا ضَيفاً ثقيلاً، وكانَت الغُيومُ تعتصرُ نفسَها لتُفرِغَ حِملَ سنَواتٍ مَديدة على هذهِ الأرض، أظنُّ ذلك كانَ كفيلاً ليجعلَ الأرضَ تَرتجف. الزلزال...⚡ تَحركَت الأرضُ معلنةً رغبَتها في الإنسحابِ مِن فرطِ العَناء، أظنُّها لم تَعُد تَحتمل ثِقلَ أجسَادِنا المُثخَنةِ بالجِراح والألم، كانَ الصَريخُ يَدوي في كلِّ مَكانٍ ولا صَوتَ يَعلو غَير المَوت، أبنيةٌ تفترسُ سَاكِنيها وتُخفي مَعالِمهُم في رُكامِها، وأنَاسٌ كُثر يَفتَرشونَ السَاحات والشوارع المليئةِ إلا بالأمان، كانَ كلُّ ذلكَ في غُضونِ لحظات، لا شيءَ معلومٌ أو واضحٌ سوى الخوف الَذي يَستوطِنُ وجُوهُ الجَميع، كانت الأرضُ تستقرُ لتَزرعَ في نُفوسِنا فِكرةَ أن الكَارثةَ انتهَت عِندَ حَدِها هذا، ثمَ تَخذُلَنا باهتزازِها مُجددًا لتُميتَ ما بقيَ فِينا من قوة. عقب وقوعِ الكارثة.... المشهدُ ذاته يعيدُ نَفسهُ، المشهدُ الذَي اعتَدنَاهُ وما ألفناهُ يوماً، مشهدُ الحربِ اللعينةِ التي لم يَكن أحدٌ فيها فائِزاً، المنتصرُ مَن نَجا بعددِ عائِلتِه كاملاً، أبنيةٌ خَارت قِواهَا فَجَثت تُعلنِ الإستسلام، فِرقُ الإنقاذِ تحاولُ انتشالَ العالِقين ولا دَليل فِي جُعبَتِهم سِوى صَوتُ الأنينِ الصادرِ منَ الأنقاض، كانَ الجميعُ يتهافتُ لتقديمِ العون وحشودٌ قَطعوا أميالاً حامِلينَ أرواحَم على كُفوفِهم لا يَعتنقُونُ شيئاً غيرَ الإنسانية، وأشخاصٌ مَكلومون ينتظرون إخراجَ عَوائِلهم أحياءً كانوا أم جثثاً... كان شكرُ الله يَعلو مع كل حيِّ يُبصرُ النور، وحَمدُ الله والنحيب يَصدح مع كُلِ جُثةٍ لم يُكتب لها البقاء، كَانت الناسُ تعدُّ الخَسائرَ ولا تَكاد تَحصيها... كانَ الوقتُ يَمرُّ، ومَع كُل دَقيقة تَتلفظُ بها عقاربُ الساعة تُمسي احتمالات النَجاة أقل، وفُرصُ الحياةِ معدومة... زلزالٌ واحدٌ وفي وقتٍ قصيرٍ كان كفيلاً لإشغالنا أياماً في عدِّ موتانا، وسنيناً في تسطير قصصِ المُعاناة والفَقد التي لَن تَخمد أبداً. لله مصابنا، لله أوجاعنا، لله نحن وإليه نعود.

صفعةُ قدر

وداعاً أمي ...لم أحبذ قولها لكِ الآن أنتِ التي حِكتي جسدي بعروق روحك لأكبر ،أهجرك اليوم بملء إرادتي ، أعلم أنني لم أتمم عليكِ أفراحكِ التي بنيتها لي، لكني تعبتُ يا أمي كنت أنسج الأحلام لمستقبلي وعند أول موقف باص أهدمها... عند أول مادة رسوب أبعثرها، عند أول راتب لا يكافئ جزءاً من معاناتي أبددها، كنت أحاول وأحاول جاهدة أن أعيش حياة كريمة هنا ، لكن عبثاً.... والآن سأغادر ، سأغادر و أحمل ملامحكِ في قلبي، وأخبئ دعواتك في روحي وأمضي ، أمضي الى أي مكان يحترمني، يقدر جهودي ، ويدعم نجاحي ، إلى أي مكان أرى فيه نفسي إنساناً له الحق في الراحة والقليل من السعادة .... صعدت السفينة التي كان كلُّ من فيها يقصد البلاد التي أقصدها و لذات الأسباب وبدأت أبني أولى صداقاتي مع أناس يشاركونني في المعاناة كان كل شيءٍ على ما يرام لكن أظن أننا ؛ ابتلَعْنا الكثير من الخيبات حتى أمسينا ثقال...ثقالاً جداً ، فابتلَعَنا البحر

الرحلةُ الأخيرة

مرحباً عزيزي...! مرّ وقتٌ طويل على اعتزالي نسج الكلمات وحياكة المشاعر في مذكراتي لكني اليوم أعودها... وحتى في هذا القرار كان لبلادي العظيمة يد في فرضها عليّ، فهنا لا نعيش الحياة كمان نريد، بل كما أرادوها لنا يجب أن نعيش، نعيشها فارغين من كُل شيء، هاربين من أنفسنا إلى العدم لا كهرباء نضيء بها عتمة أحلامنا ولا دفىء يحتضن صقيع أيامنا ولا شيء هنا يُريح أو يواسي... وبما أننا بلاد المفاجآت وكوكب الغموض، أرادوا اليوم أن يزيدوا جرعة الحرمان، فمع رحيل الكهرباء غير المعلومِ أجله رحل الانترنت، لنعلن عزلتنا عن كل شيء...إلا الخيبات محكومون نحن بالصبر، فلم يتركوا لنا شيء لنفعله سوى ذلك كان كل ما يخيفني هو بعدك عني، وها أنا اليوم بعيدةٌ حتى عن عالمي الافتراضي معك... كان لدي هذا اليوم الكثير من الوقت للتفكير... كنت أفكر بنفسي وبك أفكر في فرص العمل المتردية وبك في الوضع المعيشي المأساوي وبك في الأحلام المتبقية وبك كنت أفكر فيك وبك وكان كل ما يعزيني هو القسم الثاني من كل شيء ذكرته... بعد طول انتظار، وكثير من الشوق، وكمٍ هائل من اللعنات التي تلفظت بها، أشرقت الأنوار واتصلنا بالحياة مجدداً... وصلني منك رسائلٌ مايزيد عن توقعي، كانت محملة بالخوف والحيرة والشوق، هاتفتكَ لأطمئنك عني وأسمع حنان الكون المتجسد في صوتك... لم أروِ لك الكثير عن يومي ولم أسمع الكثير من كلماتك، لأن الثنائي اللعين قررا إنهاء الزيارة وعاودا الرحيل مجدداً... وعدت أنا لحروفي لأحادثك هنا في هذه السطور. . . وأما بعد ...أحبك جداً

صفحة المستخدم

0

0

0

0